الموسوعة الإعلامية




وليد خيون زاجي

تناولت وسائل المحلية قبل اسابيع عدد من التصريحات التي أدى بها الدكتور حسن الجنابي وزير الموارد المائية عن الخطر الذي سيشكله قيام تركيا بأملاء سد ( اليسو ) في شهر أذار القادم , كما حذر الدكتور الجنابي من صيفٍ صعب وضرورة القيام بعدد من الاجراءات للحد من الاضرار المترتبة على الاجراء التركي , واليوم أعلن الدكتور الجنابي عن تأجيل تركيا عن أملاء السد من شهر أذار الى شهر حزيران القادم بناء على طلب عراقي , وللوقوف على جانب من الحقيقة الصادمة لمستقبل المياه في العراق فمن الضروري جداً الحديث عن مشروع الكاب GAP .

والكاب هو مشروع جنوب شرق الاناضول المعروف اختصارا بـ GAP  , وهو مشروع أروائي ضخم جداً على نهري دجلة والفرات وروافدهما في ست محافظات بجنوب شرق تركيــا , مشروع متعدد الجوانب والاغراض ويتضمن إقامة 22  سـدا منها 17  سـدا على الفرات و 5 سـدود على دجلة و  17محطة للطاقة الكهربائية وتقدر الطاقة التخزينية للمشروع بحوالي 100  مليار م مكعب وهذه القدرة تمثل ثلاثة أضعاف القدرة التخزينية للسدود العراقية والسدود السورية وتعود جذور هذا المشروع الخطير الى عام 1930 حين تأسست شركة الكهرباء التركية والتي بدأت عام 1936 بالتحريات الاولية لمشروع المسح الهيدرولوجي على نهر الفرات ووضعت دراسة خاصة بإنشاء سـد  ( كيبان ) في منطقة ملتقى فرات صو ومراد صو , ومنذ عقود طويلة وبكل هدوء ومع تغييب كامل لكل وسائل الاعلام التركية الأجنبية عملت تركيا على الشروع بمشروعها دون التشاور أو الاتفاق مع سوريا والعراق , ويقال أن المبالغ المخصصة لتلك المشاريع توضع تحت بند غامض في كل الموازنات العامة للحكومات التركية المتعاقبة , واستغلت تركيا انشغال العراق بالحرب العراقية الايرانية وزادت من وتيرة البناء في السدود , ولأن  عملية بناء السدود الكبيرة تُكلّف مبالغ طائلة فقد كانت تستفيد من الغطاء الائتماني الذي قدمته الكويت والسعودية من أجل حصولها على قروض من البنوك والمؤسسات الدولية وخاصة في الفترة من 1990 ــ2000  وهي الفترة التي غُيب بها العراق عن العالم بسبب العقوبات الدولية وحالة الحصار الاقتصادي , وبالرغم من اللقاءات العديدة واجتماعات اللجان الفنية المشتركة للمياه مع تركيا وسوريا لكنها لم تحترم أي من توصيات تلك اللجان وخاصة الاجتماع الثلاثي الاخير لوزراء الموارد المائية لتركيا والعراق وسوريا في كانون الثاني عام 2013  , وقد تطرق العراق فيه الى أهم توصيات الاجتماع الثلاثي الوزاري المنعقد في تموز 2007 حيث تشير احد التوصيات بعدم ألحاق الضرر من جراء إنشاء وتشغيل ســد ( أليسو ) , كما تشير التوصيات أيضا الى إبلاغ العراق بخطة إملاء السـد , وسـد ( أليسو ) هو ســد أملائي طاقته التخزينية 11  مليار متر مكعب وسيولد طاقة كهربائية سنوية ستصل الى 3830  كيلو واط , ويقع في منطقة دراغيتجين على بعد 45 كم من الحدود السورية ويعد أكبر سـد ينشأ على دجلة وسيؤثر كثيرا على كمية الايراد السنوي للمياه الى العراق بنسبة تصل الى 47 % وسيسبب أضرار بيئة وزراعية كبيرة على الانسان والاراضي والغطاء النباتي والمياه الجوفية والاهوار وانخفاض منسوب شط العرب والثروة السمكية والطقس ومنظومة الطاقة الكهربائية في سد الموصل وسـدة سامراء , وقد تمكن العراق بجهد دبلوماسي كبير بالتعاون مع ألمانيا والنمسا من إيقاف الشريحة الثانية من القرض المقدم لإنجاز المرحلة الاخيرة نهاية عام 2014 , وتقوم تركيا ببناء سـد ( جيزرة ) وهو أيضا ســد خطير وسيزيد من الاثار المدمرة على الحياة على نهر دجلة كما أن سـدي ( أليسو وجزره )  سيلحقان  أضرار جسيمة أيضا بمناطق واسعة جدا من الاراضي التركية وسيغمران عدد من  المدن الصغيرة والقصبات ومنها مدينة ( حسن كهف ) التي ستهدد الحياة والناس فيها بشكل كبير وستُغيب الى الابد ما تبقى من أثار لحضارات أشورية وآرامية عظيمة  بالرغم من مناشدات منظمة اليونسكو ومنظمات محلية ... هذا الجزء الاول وغدا أن شاء الله الجزء الثاني الذي سأتناوله فيه الاجراءات العراقية لمواجهة هذا التحدي العثماني


@*@model web.ViewModels.NavMenuVM*@