الموسوعة الإعلامية




وليد خيون زاجي

أطل الاسلاميون في السودان برأسهم بعد تدبيرهم انقلاب عسكري في 30 حزيران 1989 ونَصّبوا اللواء عمر حسن البشير رئيسا للجمهورية , الانقلاب هذا أطاح بحكومة منتخبة برئاسة السياسي الصادق المهدي ,

وبعد فترة من تسلم الدكتور حسن الترابي  ( ت 2016 ) رئيس الجبهة الاسلامية القومية منصب نائب رئيس الوزراء , أُعلنت الحكومة عن تطبيق الشريعة الاسلامية في البلاد مما أثار عليها القوى الوطنية والديمقراطية التي شكلت ( التجمع الوطني الديمقراطي ) المعارض وتلقى هذا التجمع تأييدا ودعمه دولي وخاصة بعد انضمام الجبهة الشعبية لتحرير السودان لـه , تعرض السودان لضغوط وعقوبات دولية وحصار,

وفي خطوة لتخفيف أثار العقوبات أتجه السودان الى الصين ليفتح امامها اراضيه وتحقق انجازا باهرا في استخراج وتصدير نفط في الجنوب , طرأ تحسن على سعر صرف الجنيه وتراجع معدل التضخم , لكن السودان تضررت سمعته الدولية كثيرا بعد استقباله لزعيم القاعدة أسامه بن لادن  (1) واليساري العالمي كارلوس المتهم بارتكاب جرائم إرهابية دولية  (2) , كما أتهمته مصر بتدبيره محاولة الاغتيال الفاشلة للرئيس المصري الاسبق حسني مبارك في أديس ابابا في أيلول 1995 , وفي عام 1999 أعلن الرئيس البشير عن حالة الطوارئ وتعطيل العمل في البرلمان ثم أعقبها انشقاق واضح في ( الحكم الاسلامي ) وتبادل الرئيس البشير والاسلاميين الاتهامات بالفساد والمحسوبية وسوء استغلال للسلطة ,

واجه السودان تحديات كبيرة وتدخلات اقليمية وحروب أهليــة داميـة هددت وحدة اراضيه , ففي عام 2003 بدأت الحرب في دارفور مخلفة مئات الالاف من القتلى والجرحى على أثرها أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي مذكرة اعتقال دولية بحق الرئيس البشير لاتهامه بارتكاب جرائم حرب وفرضت الامم المتحدة على السودان دخول قوات أفريقية بغطاء أممي , وبعد مفاوضات طويلة أخرها كان في نيفاشا في كينيــا , أعلن في 9 حزيران 2011 عن انفصال الجنوب وقيام جمهورية جنوب السودان , وهذا ما حرمه من اموال نفط الجنوب , وبسبب عدم رغبة مصر في اللجوء للتحكيم الدولي , فقد وصل الخلاف بينهما حول عائديه منطقتي ( حلايب وشلاتين ) الحدوديتين الى نقطة اللاعوده , واستضافته لملايين اللاجئين الاثيوبيين والارتيريين والتشاديين شكل عبء اقتصادي أخر , كما حرمته العقوبات الامريكية من استثمارات عربية وغربية متوقعة تُقدر بمليارات الدولارات في قطاع الزراعة والثروة الحيوانية الهائلة التي يمتلكها ,

كل هذا يترافق مع غياب الحياة السياسية الديمقراطية والتضييق على الحريات العامة وارتفاع معدلات التضخم والبطالة وتراجع سعر صرف الجنيه , وهذا وحده كافي لحراك شعبي يطيــح بسلطة العسكر العاجزة للتصدي لمشاكل البلد , لذا لجأ الرئيس البشير للعب بأوراق مساومة رخيصة , فأرسل قواته للمشاركة في العدوان على الشعب اليمني في خطوة واجهت وما زالت معارضة شعبية واسعه , لكن ذلك لم يحقق لـه ما وعدته بـه السعودية في رفع العقوبات الامريكية عنه ورفع أسمه من سجل الدول الراعية للإرهاب وهذا ما وعد فيه برلمانه ايضا ,

الان الرئيس البشير يجد نفسه في وضع يمكنّه من اللعب بورقة رابحة في الصراع الاقليمي وعليه استثمار الخلاف الخليجي المصري مع قطــر, قبل أسابيع وخلال زيارة الرئيس أوردوكان للخرطوم اتفقا على قيام تركيــا بتأجير جزيرة سواكن الواقعة قبالة  ميناء بو سودان دون اعلان تفاصيل أخرى ,  وهي خطوة ستغضب  السعودية ومصر على وجه الخصوص , الان هو يواجه تظاهرات منظمة في الجامعات والأوساط  الطلابية والشعبية تحت شعارات اقتصادية واضحة ,, السؤال هنا هل البشير قادر على الصمود طويلاً , خاصة وان تركيــا بدأت منذ اليوم عمليات تأهيل ساحل جزيرة ســواكن لأنزال معدات البناء ... 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) استقر اسامة بن لادن في السودان من عام 1990 ــ 1996 , ثم غادرها مرغماً بضغوط دولية الى أفغانستان .

(2) اليتش راميرز سانشيز الملقب بكارلوس  من مواليد 1949 فنزويلي الجنسية  شارك بأعمال مسلحه في دول اوربيـة لصالح الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين , استقر في السودان عام 1994 ,, اعتقل فيها ويقضي عقوبات طويله في سجون باريس ...


@*@model web.ViewModels.NavMenuVM*@