الموسوعة الإعلامية




علاء الخطيب

لم تستطع  المنظومة السياسية  في كردستان ان تتخلص من عقدة الدكتاتورية المتجذرة في عقول سياسيي الشرق الأوسط ، رغم الشعارات الرنانة والأسماء الطنانة   للديمقراطية والوطنية التي تحملها الاحزاب  والحركات السياسية  .

   هذه المنظومة اثبتت فشلها في كل البلدان وقدغادرها البعض منذ زمن الى  غير رجعة ، إلا ان سياسيينا يؤمنون حد النخاع بنظرية اما ان تكون رئيس او تموت ، لاتوجد منطقة وسطى ما بين الموت و الرئاسة. فما حدث في الدول العربية ابان فترة ما يسمى بالربيع العربي لم يكن كافياً ليتعض منه البعض .  

   فالزعامة لا يمكن ان تفرض بالقوة والتطبيل الإعلامي وتزوير الحقائق. 

فما يحدث في كردستان هو ثورة ضد دكتاتورية الأسر الحاكمة وديكتاتورية الاحزاب المتنفذة والمهيمنة بقوةالمال والسلاح . 

لقد اثبتت احداث كردستان الاخيرة ان الفقاعة التي حاول البعض تصديرها على انها تجربة ناجحة وأن  كردستان واحة للديمقراطية والتعددية وحرية الرأي انفجرت بأول  هزة وبانت عورات السياسيين وسقطت اوراق التوت عنهم .

اعتداء على الصحفيين والمؤسسات الإعلامية، اسكات الأصوات المعارضة ،   استخدام القوة ضد المتظاهرين ، اعتقالات بالجملة  استغلال الثروات لمصلحة أشخاص معينين، غياب تام للقانون  والقضاء.

البعض يقول انها ارتدادات الاستفتاء ، ربما  تكون  ارتدادات الاستفتاء سبباً ولكنها ليست سبباً رئيسياً،  ربما كانت عاملا مساعداً  لكشف زيف الشعارات التي رفعها المتنفذون هناك ، كان الاستفتاء وهم  من اجل الاحتفاظ بالسلطة والبقاء في مصدر القرار  والثروة ، لكن الحقيقة اطلت برأسها حينما جاع الناس وانعدمت أسباب العيش الكريم . 

ما يحدث في كردستان  هو رفض للظلم  والمتجارة بالدماء ، فالجيل الحالي لم يستطع ان يهضم ان من يضحي يجب ان يستعبد الناس وان يتحكم في مصائرهم ، فالمعادلة لم تكن قادرة على الصمود  والاستمرار، فالجوع والفقر وانعدام الخدمات  لا يمكن ان يقف بوجهها متبجح بتضحية ابائه او أقربائه. فالسؤال المطروح هنا  أليست التضحية والنضال من اجل رفع الظلم وتحقيق العدالة  ؟ 

اذاً ما معنى ان تضحي وتقف بوجه الدكتاتورية ثم تصبح دكتاتور وظالم وبعيد عن العدالة .

 فما حدث ويحدث في كردستان هو رسالة لكل السياسيين في بغداد لن يسكت عنكم الشعب. لان الأسباب هي ذات الأسباب. التي دعت الاحرار في كردستان ان يقفوا بوجه الفساد   لا يمكن ان يستمر الحال وانتم   تكرسون الظلم من خصخصة الكهرباء الى استقطاعات الرواتب  مروراً  بالكساد وانعدام التنمية وتوقيف المشاريع في المحافظات  .

 ما يحدث في كردستان هو تعبير حقيقي عن  رفض مبدأ الشرعية الثورية واستغلال التضحية  والقبول بمبدأ الدولة اي الشرعية الدستورية  ، الدولة التي يحكمها القانون  وقواعد المواطنة وتكافؤ الفرص ،فالحياة لمن يستحقها فهي للاجدر وليست للأقوى بعشيرته وماله ومليشياته. 

ما يحدث في كردستان هو موت للمنظومة السياسية القديمةً التي لم تعد قادرة على الحياة  رغم جرعات الترهيب  التي تبث في الشارع .

ما يحدث في الناصرية وديالى والسليمانية واربيل وباقي مناطق العراق هو نصر حقيقي  للمواطنة وللديمقراطية الفتية ولا يختلف عما يحدث في كردستان . 

ما يحدث هو خير وليس شر ، هو درس لكل السياسيين ان يتعلموه بأن  يخشون الشعب وليس العكس فالقوة الحقيقية هي ان تكون أمينا وليس سارقاً 

ما يحدث في كردستان  هو ترسيخ لمبادئ سياسية لطالما حلمنا بها

 


@*@model web.ViewModels.NavMenuVM*@