الموسوعة الإعلامية




وليد خيون زاجي

كنت قد عرضت في الجزء الاولى جزء يسير من الصورة القاتمة لمشروع الكاب  GAPالتركي . وتأتي خطورة هذه المشروع من الكتمان والضبابية والكذب كسياسة ثابتة اتبعتها كل الحكومات التركية المتعاقبة منذ أكثر من نصف قرن تقريباً للتغطية عليه , والغياب التام للشفافية والحوار والاتفاق مع العراق وسوريا , لكن المُعلن رسميا بأنه يستهدف أنتاج طاقة كهربائية لسد الحاجة المتزايدة لتركيا , لكن ما هو غير المعلن والذي بدأت تتضح معالمه باكراً ولا يمكن إخفاءه هو السيطرة على المياه وجعلها سلاح سياسي اقتصادي في التعامل مع سوريا والعراق والمنطقة , البداية عندما طرح الرئيس الثامن للجمهورية التركية توركوت اوزال في أب 1991 مشروع ( انابيب السلام ) والذي يتضمن مـد أنابيب مياه نهري دجلة والفرات من تركيا الى اسرائيل والى دول الخليج العربي , والرئيس اوزال الاسلامي حتى النخاع والليبرالي السلوك كان يعتبر المياه سلاح لا تقل أهميه عن النفط , لكن المشروع واجهه معارضة كبيرة بسبب عدم واقعيته أولاً وتكلفته المادية الضخمة ثانياً وثالثا هي الوفاة المفاجئة للرئيس اوزال في 13 نيسان 1993 , كما لا يمكن بأي حال إغفال الاهداف الخفية وغير البريئة ضد أكراد تركيا حيث يجري المشروع كله على أراضيهم , ومن الاهداف الاقتصادية للمشروع هو جعل العراق سوقاً وممراً الى دول الخليج العربي للمنتجات الزراعية والحيوانيـة التركية , التأثيرات التي سيتركها المشروع على سوريا أقل بالكثير من تلك التي ستصيب العراق , للأسباب التالية أولاً أن نهر الفرات يَمر في محافظتي الرقة ودير الزور فقط وثانياً أن مناطق شرق الفرات او كما تسمى ( الجزيرة ) تعتمد بشكل كامل على نهر الخابور وعلى مياه الامطار والمياه الجوفية وثالثاً يعتبر نهر العاصي الرافد الرئيسي للزراعة في مثلث المحافظات الثلاثة حمص وادلب وحماه , كما تعتمد محافظات العاصمة وريف دمشق والسويداء والقنيطرة على المياه الجوفية والانهار الصغيرة والروافد الكثيرة القادمة من مرتفعات الجولان , كل هذا يُضّعف الموقف العراقي ويبقيه وحيداً أمام المفاوض التركي الذي يتكأ على هذه الاسباب واتهامه للعراق بعدم قدرته على أدارة ملف المياه بشكل يتناسب مع زيادة سكانه وعوامل المناخ وتراجع وارداته , وهذا خطأ وظلم كبير للعراق الذي قام ببناء سدي دوكان ودربندخان على نهري الزاب الاعلى والاسفل وسدتي الكوت والهندية وناظمي سامراء والثرثار في خمسينيات القرن الماضي , وأنشاء أربعة نواظم تقسيم على منخفض الثرثار في عامي1976  و 1981 لغرض التحكم بالمياه وخزنها والتصرف بها عند الحاجة , كما قام ببناء سـد الموصل بشكل متسرع في عام 1983 على طبقة جبسيه تتأكل باستمرار لكنه يبقى أنجاز كبير ,  لكن أمام التحدي والصلف والغرور التركي تبقى تلك المشاريع عاجزة أمام حجم ما يُخطط لنــا ونحتاج الى سياسة  مائية ونُظم جديده , وفي الجانب السياسي وقع الجانبان عام  1984 اتفاقية للتعاون الامني تسمح للجيش التركي بمطاردة حزب العمال الكردستاني في الاراضي العراقي لمسافة 15 كم , وبسبب المماطلة والتسويف التركية أمام مفاوض عراقي ضعيف وغياب الارادة والانشغال بملفات داخلية وخارجية , لذا لم تفلح اللجان الدائمة عن تحقيق أي أجراء على الارض مع أن العراق بيده اوراق قوية جداً قادرة على تركيع الجانب التركي , بعد سقوط الدكتاتورية في 2003  تسارعت وتيرة بناء السدود بشكل كبير , ومع ذلك فالعراق لازال يمتلك اوراق سياسية واقتصادية قوية ومؤثرة جداً فتركيا الشريك التجاري الاول للعراق بواقع ثلاثة عشر مليار دولار , والحلول والرد على هذه السياسة المائية تحتاج الى قرار عراقي جاد في إلزام تركيا بكل الاتفاقيات السابقة ب…


@*@model web.ViewModels.NavMenuVM*@